روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | أدب الخرافة...جدل حول توظيف الخيال للإرشاد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > أدب الخرافة...جدل حول توظيف الخيال للإرشاد


  أدب الخرافة...جدل حول توظيف الخيال للإرشاد
     عدد مرات المشاهدة: 6007        عدد مرات الإرسال: 0

الخرافة كما يعرفها النقاد قصة حيوانية يتكلم فيها الحيوان، ويمثل مع إحتفاظه بحيوانيته، ولها مغزى إرشادي، حيث يشترك في هذه القصة -أحياناً- الطير والنبات والجماد والإنسان، وتعرفها بعض المعاجم بأنها حديث مكذوب، أو قصة قصيرة تسرد حادثة تدور على ألسنة الحيوانات، وتُمثِّل في ثوبها الخارجي المموه واقعاً إنسانياً، مثل خرافات ابن المقفع،          لافونتين، أيسوب.

وتتميز الحكاية الخرافية بأنها قصيرة، وتروى في الأعم الأغلب على لسان الحيوان، أو بعض الظواهر الطبيعة، وتنطوي على مضمون أخلاقي هو المغزى من الحكاية، والقصة الخرافية تقوم عادة على مفهوم الصراع بين الخير والشر، بين أشخاص عاديِّين، ومخلوقات عجيبة، من الجن، والعفاريت، والغيلان، والوحوش، وغيرها وهي كائنات كثيراً ما تتشابه في أوصافها وسلوكها في النص الأصلي، والنص المقتبس للأطفال، وتتميَّز بالشكل المخيف، والقوة الهائلة وهذه الكائنات الضارية قد يكفيها الخيال المبدع لتغدو في بعض القصص وديعة، طيبة، تخدم الناس وتُحسِن إليهم.

¤ ليست مجرد حكايات فراغة

وتعتبر الخرافة الشعبية الشكل الأقدم للأدب الخيالي الرومانسي، فهي الأدب غير المكتوب الذي أنتجه الإنسان القديم والبدائي في جميع بقاع العالم، مما يجعل الحكاية الخرافية تمثل طفولة الأدب في هذا العالم.

فالحكاية الخرافية كمادة أدبية، كان لها وجودها في تراثنا القديم، وقد تناثرت خيوط الحكايات القصصية، وتعدد نسيجها على ألسنة الرواة مشافهة جيلاً بعد جيل،، ومنحها الإغراء الجمالي الذي يميزها القدرة على أن تنفذ إلى أدب بعض البلاد، فتدون في ثنايا الكتابات الأدبية أو في الملاحم والأخبار والتقاويم.

وفي السنوات الأخيرة، توصل الباحثون إلى أن الحكايات والخرافات الشعبية ليست مجرد حكايات فارغة المضمون أنتجت للتسلية في أوقات الفراغ، إنما هي عمل فني يعكس صورة الحضارة، التي أنتجته، فيعبر عن آمالها، وتخوفاتها، وطموحاتها، وسلوكياتها الإجتماعية، والسياسية، والإقتصادية.

وأرجع المؤرخون منشأ الخرافة الى الشرق مثل مصر وبابل، والهند، ووأشاروا الى أن أول من ألف كتاباً في ذلك هو -بيدبا- الفيلسوف الهندي، والممثَّل بـ كليله ودمنة، هذا الكتاب الذي نقله عن الفارسية ابن المقفع في العصر العباسي، حيث كانت الهند هي المصدر الأول لتلك الخرافات، كما كانت هي نفسها المصدر للكُتاب الأوروبيين، ومنهم لافونتين أشهر من كتب في هذا الفن الذي عرف عصره بـ الذهبية.

وكانت الخرافة قبل لافونتين تعني حكاية قصيرة تنتهي عادة بدرس أخلاقي هو غايتها، إلا أن لافونتين قام بتطوير هذا المفهوم، فأضحى عملاً فنياً متكامل العناصر والرؤى، ولفت هذا التطور إنتباه الأدباء والكتاب العرب الى ما كتبه لافونتين ومحاكاة خرافاته الوعظية، لما تضمنته من مواعظ إرشادية تفيد النشء الجديد.

¤ شوقي يحاكي لافونتين:

وإجتذبت هذه الخرافات -لاسيما خرافات لافونتين- شاعراً كبيراً يشكل أحد أعمدة الشعر في العصر الحديث هو أحمد شوقي.. الذي يقرُّ معترفاً بأنه حاكى لافونتين في نظمه للخرافة.

وقد تناولت حكايات شوقي موضوعات كثيرة إتصلت إتصالاً وثيق العرى بالحياة العربية أنذاك من أمثلة ذلك حكاية -الديك الهندي والدجاج البلدي- التي رمز فيها للأجنبي الدخيل بـ الديك الهندي، ورمز للوطن، والمواطن بـ الديك البلدي.

وكان شوقي عندما ينقل حكاية ما يقوم بتحويرها وإضفاء الشخصية الإسلامية عليها مثال ذلك حكاية -الثعلب والديك.

¤ أدب الخرافة والطفل:

وعلى الرغم من تميز هذه الأعمال سواء من خلال ما توفره من أساليب المتعه للأطفال، أو من خلال تقديمها للمواعظ والإرشادات، إلا أن التربويين إختلفوا حول جدوى الحكايات الخرافية، فالبعض رأى أن للخرافة بُعداً أساسياً في الحضارة، وأن توظيفها في تأهيل الأطفال وإعدادهم -لكي يكونوا عناصر فاعلة في إطار الجماعة التي ينتمون إليها- أمر لا يخفى على أحد، خاصة تلك الخرافات التي تروى في نطاق الأسرة، والتي تتوجه أساساً إلى تربية الطفل، وتنمية خياله وقدراته، الذهنية والوجدانية، حين تقدم له نماذج من السلوك الإنساني، فتكون أداة للمعرفة تشكل تصوراته عن الكون، والمحيط الإجتماعي الذي يحيا فيه.

والبعض الآخر إعترض على كل الأنماط الحِكائية التي تستخدم الخيال الواسع والوسائل السحرية، والتي ترتكز على إرتحال الأبطال إلى عالم المجهول، عالم الأرواح، والشياطين، والأشباح، دون الإهتمام بتفاوت هذه الأنماط في تصويرها لهذا العالم، وعلاقته بالعالم الواقعي مستندين في وجهة نظرهم الى القول إنَّ هذا العالم الخرافي أو الأسطوري من شأنه إبعاد الطفل عن معرفة ذاته، وتغريبه عن محيطه، وكيفية التعامل معه، وتقديم حلول جاهزة للمشاكل العويصة التي تتطلَّب نِضالاً مريراً في بعض الأحيان.

¤ أشهر الكتاب:

ومن أشهر كتاب أدب الخرافة، الدانماركي هانس كريستيان أندرسن، الذي يعد أحد أبرز الكتاب الأوربيين في مجال القص الخرافي، والكاتب الفرنسي الأشهر جان دي لافونتين، الذي تأثر بحكايات إيسوب اليوناني، وصاغ الكثير منها شعراً، كما تأثر بالتراث الشرقي من الحكايات مثل كليلة ودمنة وألف ليلة وليلة وغيرهما، وهناك العديد من الأدباء اللذين تميزوا في مجال أدب الخرافة بعد لافونتين مثل الاديب الروسي إيفان اندريتش كريلوف، والألماني جوتهلد إفرايم لسنج، والروائي الإنجليزي الشهير جورج أورويل، الذي كتب الأسد ووحيد القرن، ونقد الأيديولوجيا الشيوعية في روايته الشهيرة مزرعة الحيوان، الذي إعتمد فيها على الحكاية الخرافية.

لذا نجد أن إهتمام الأدباء والشعراء بهذا النوع من الأدب، وتراكضهم وراء الخرافات يرجع إلى ما تحمله من إرشاد وعظي يشوق الناشئة، حيث تأتي الخرافة لتلقن الإنسان فضيلة ما، أو خلقاً ما، بطريقة مشوقة وجاذبة.

الكاتب: رشا أحمد.

المصدر: موقع رسالة المرأة.